السلام عليكم ورحمة الله وبركاته....
الْمَسألةُ خلافية لماذا؟!)..وشريعةُ اللهً لا تقبلُ الاختلاف
شريعة الله لا تقبل الاختلاف وما كان وضعا بشريا من الأقوال والآراء التًي وضعت على خلاف الوحيً، مصدرها أقوال وآراء الرجال، بعيدا عن الكتاب والسنة، وبثّت فًي دواوين الفقه، وكتب الاعتقاد، كالداءً يفتك بالْجسدً، ونشرت بين عباد الله في كل البلاد» حتَّى أصبحت هًي الْمَرجع فًي مسائل الدين عامة، إلَى ألئك الذين تركوا الْحقَّ وشَرَّقوا وغَرَّبوا فًي ظلماتً بَحري الفلك فيه أقوال الرجال، نقول: حذر الله سبحانه وتعالَى من هذا الْمنهج وتلك الطريق بقوله: (اتَّبًعُواْ مَا أُنزًلَ إًلَيْكُم مًّن رَّبًّكُمْ وَلاَ تَتَّبًعُواْ مًن دُونًهً أَوْلًيَاءَ قَلًيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ)[الأعراف:3] والْمُرادُ بًما أنزل إليكم» هو كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، والسنة الْمُبينة له، ولا يغرنك زخرف القول وآراء الرجال، وقال:(وَاتَّبًعُواْ أَحْسَنَ مَا أُنزًلَ إًلَيْكُم مًّن رَّبًّكُمْ مًّن قَبْلً أَن يَأْتًيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنتُمْ لاَ تَشْعُرُونَ)[الزمر:55]، والْخوف على من سلكَ غير هذا السبيلً فسيكون حكمه والْمُنافقين واحدي، فالعًبْرةُ بعمومً اللفظً لا بًخصوص السببً، لقوله تعالَى: (وَإًذَا قًيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إًلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإًلَى الرَّسُولً رَأَيْتَ الْمُنَافًقًينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُوداً)[النساء:61]، وأَخْبَرَ خَيْرُ البشرً عن نَفْسًهً إن ضل فهذا كائن بًمخالفةً الوحي، وإن كان علَى هدى فذلك بًموافقة الكتاب والسنة، لقوله تعالَى:(قُلْ إًن ضَلَلْتُ فَإًنَّمَا أَضًلُّ عَلَى نَفْسًي وَإًنً اهْتَدَيْتُ فَبًمَا يُوحًي إًلَيَّ رَبًّي)[سبأ: 50].
تَقديْمُ آراءً الرجالً علَى الكتابً والسُنَّةً
تَقديْمُ آراءً الرجالً هو منبعُ الْخلافً، والأصلُ الذي قام عليه الاختلافُ، وَصارَ الشَّرعُ الواضحُ الْمُبين يُعرف عند كثير من الْمُنحرفين أن الشريعة: [دين خلافيات]، ولك أن تأخذ بأي الآراء شئت، فحيثما تيممت وقصدت» فلن تَخرجَ عن هذا الدين الْمُحدث، وما زلت وسطيا فًي دائرة الْخلافيات، أينما ذهبت» وبأي قول قلت، فأنت مسبوق إليه، ولك سلف في كل مذهب، حقاً كان ذلك الْمَذهب أو باطلا، وليس من الغريب أن يصل هذا التأصيل الفاسد دعوة الأنبياء والْمُرسلين: مسائل التوحيد والاعتقاد، حتَّى جُعلت من [دين الْخلافيات]، وخرج علَى أمة مُحمد صلى الله عليه وسلم بعض الْمُعاصرين يدينون بالْمُحدثات، ويدّعون أن أصول الاعتقاد وتوحيد الله عَزَّ وَجَلَّ (مَسائًلَ خًلافًيَّةي) بين سلف الأمةً والْخلف، وحجتهم أَنَّ لَهم سَلفي فًي ذلك ومن أشهرهم حامل لواء الكفر وزعيمه، مُحدث أعظم خلاف فًي توحيد الله صاحب الفصوص ابن عربًي وتلميذه إبليس ناشر دعوته وناصر منهجه ومُحيي بدعته فًي كل عصري ومصر.
الردُّ عندَ التنازعً إلَى الشريعةً إًيْماني
قال تعالَى:(فَإًن تَنَازَعْتُمْ فًي شَيْءي فَرُدُّوهُ إًلَى اللَّهً وَالرَّسُولً إًن كُنتُمْ تُؤْمًنُونَ بًاللَّهً وَالْيَوْمً الآخًرً)[النساء: 59]، إذا ردت مسائل الشرع إًلَى الكتاب والسنة، نَجد القولَ والْحقَّ واحدي، وتتفقُ أقوالُ الناسً ولا تَختلفُ القلوبُ، وهنا لا يقع خلافي، وفًي قوله: (إًن كُنتُمْ تُؤْمًنُونَ بًاللَّهً وَالْيَوْمً الآخًرً)أي: أن ما يذهب إليه كثير من الناس من رد التنازع فًي الْمسائل إًلَى غيرهما لَم يكن يؤمن بالله، حيث علق الرد بالإًيمانً، والتعويل فًي مسائلً الشَّرعً إلَى قول الأمامً والشيخً والْمَرجعً وغيْرًهً مًمَّا زَيَّنه الشيطانُ من الأقوال، قال الله فيه: (أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُواْ لَهُمْ مًنَ الدًّينً مَا لَمْ يَأْذَن بًهً اللَّهُ)[الشورى:21]، ومع تعدد الْمُشرعين لا مَحالة من وقوع الاختلاف ونشأة الْخلاف، وهنا نبتت مَقولةُ الْمُقَلًّدةُ: (الْمَسألة خلافية)، والتًي جعلها البعض دينا وذهب يُفتيً بًها فًي كُلًّ ما يعرض له، ويَحسم به مسائل الدين معتقدا أَنَّها في مَقَامً الْمُنْزلً من السماءً والعياذُ بالله.
قال ابن القيم رحمه الله:
العلـم قال الله قال رسـوله
قال الصحابة ليس خلف فيه
ما العلم نصبك للخلاف سفاهة
بين الرسول وبين رأي سفيه
كلا ولا نصب الخلاف جهالة
بين النصوص وبين رأي فقيـه
وهي تشابه ما قاله الْحافظ الذهبًي رحمه الله:
الفقـه قال الله قال رســوله
إن صح والإجماع فاجهد فيه
وحذار من نصب الخلاف جهالة
بين النبًي وبين رأي فقيــه
(طَريقُ الْحَقًّ واحدةي لا تَختلفُ وطَرائًقُ الباطلً كثيرةي)
الشَّريعةُ تُوحّدُ الطريقَ وأهلُ الأهواءً يُفرقون، و كل من تَحاكم إلَى غيرً الكتابً والسنةً وجانب الْحق وطريق الْهدى فإنه ضال حيثما توجه لأن الْحق واحد، ومنهجه واحد متحد» يصدق بعضه بعضا، قال تعالَى: (قل هل يستوي الأعمى والبصير أم هل تستوي الظلمات والنور)[الرعد: 16]، وقال: (الله ولًي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إًلَى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونَهم من النور إلَى الظلمات أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون)[البقرة: 257 ]، وقال تعالَى: (وجعل الظلمات والنور)[الأنعام:1]، وقال: (يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويُخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم)[المائدة : 16].
وَحد النورَ وجمعَ الظلمات ووحد سبيلَ اللهً وجمعَ السُّبلَ
شريعةي واحدةي، والْحقُّ واحدي، والسبيلُ واحدي، ولًهذا وحد الله تعالَى لفظ النور وجَمع الظلماتً، لأن الْحق واحد، والباطل يتشعب ويتفرق، وقال تعالَى: (وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله) فوحد سبيله وجَمع السبل، لتفرق طرقها وتشعبها، وقال تعالَى: (عن اليمين والشمائل)[النحل: 48]، والأدلة كثيرة فًي هذا الباب الذي يُبَيًّنُ تَفَرد الْحقًّ.
وانتشار الباطل، وتفرقه، واختلافه، وأصبح شعار هذه الطوائف قولهم: (فًي الْمَسألة خلاف)، وهذا الشعار هو علامة أهل الباطلً ودينً الْخلافيات الذي عرفوا به.واللهم احفظ الْمسلمين من الْخلاف والْحمد لله رب العالَمين.